بماذا يفسر اهتمام الموساد الإسرائيلي بالشأن السياسي والأمني الداخلي في الجزائر؟، وما الدور الذي قامت به الأجهزة المخابراتية الأجنية في تأجيج الأزمات في الجزائر؟ وما الدافع الذي يجعل الكيان الصهيوني الذي تلقى ضربات قوية على أيدى رجال المقاومة اللبنانية والفلسطينية يركز اهتمامه على التطورات الداخلية في الجزائر؟
هي أسئلة أحيتها المحاكمة الأولى من نوعها في الجزائر، والتي كشفت أن الموساد وأجهزة مخابراتية أخرى متورطة في الشأن الجزائري، من خلال تغذية الأزمات السياسية والأمنية، بدليل التقارير التي وجدت لدى الجاسوس الجزائري العميل لدى الموساد، والتي تتعلق بنشاط الجماعات الإرهابية وتحركات الجيش ومعلومات عن المشهد السياسي في منطقة القبائل.
لقد كانت الأسئلة دوما تطرح حول من يؤجج الصراعات في الجزائر، وكنا نسمع من هنا وهناك عن تورط أجنبي فيها، أما الآن فلم يعد هناك مجال للشك، بعد أن ضبطت كل تلك التقارير عند الجاسوس، ولا يمكن التسليم بأنه الجاسوس الوحيد في الجزائر، مما يوجب على السلطات وعلى الصحافة الوطنية التزام الحذر واليقظة في تعاطي المعلومات.
إن التساؤلات التي أثيرت بشأن الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في حق الجزائريين، سواء في المجازر الجماعية خلال التسعينيات من القرن الماضي، أو من خلال السيارات المفخخة في الأماكن العامة التي يقصدها المواطنون، بدأت تتكشف الإجابات بشأنها، ويبدو أنها نفس اليد التي تدفع نحو التناحر في لبنان والعراق ، ومعروف الدور الذي يقود به الموساد هناك من خلال جيش العملاء.
لقد أدت الأزمات المتكررة في الجزائر إلى إضعاف دورها دوليا وعربيا على الخصوص، وهنا يكمن سر اهتمام الموساد الإسرائيلي بالشأن الداخلي الجزائري، لأن مواقف الجزائر من قضايا التطبيع والحق في المقاومة كانت مصدر قلق لإسرائيل التي يهمها إضعاف الجزائر وإغراقها في الأزمات الأمنية والسياسية.